مريم
قوة إلا بالله. اهدي يا حبيبتي ...
لم تساهم مواساة سلاف في التخفيف عنها إطلاقا إنما كانت تزداد بؤسا كلما تذكرته و ترددت صدى كلماته في أذنيها.. إن كان لا يزال يحب زوجته
فما الذي جاء به بحق الله !!!!
تركه أدهم لدقائق حتى يعتاد على الشقة المهجورة في الحقيقة كانت شقة فاخرة كثيرا و ذوقها رفيع صحيح أنها خالية من الأثاث و لكن تشطيبها كان غاية في الجاذبية العصرية.. تلك العمة راجية أو أيما كان الذي يسكن معها لديه تنسيق جيد
اتفضل يا عم. شوية فرش و بطنية و كوفرتة و لحاف كمان.
ضحك الأخير معلقا و يحمل عنه
إيه ده كله يا أدهم.. انت عاوز تردمني بقى !
الجو برد يا حبيبي و أنا مش مستعد أشيل ذنبك لو جرى لك حاجة عندي. أنا واخدك سليم ف لازم أسيبك سليم بردو.
إيه الجو دهز محسسني إني عمر ابن أختك !
قهقه مراد بمرح كبير
مش ممكن. يا أخي بهزر.. القافية جت كده.
ابتسم بتهكم ماشي ماشي.. هزر.
و مضى يساعده في افتراش حيز له كي ينام به بمرور بعد الوقت سمعا نقتين على الباب ثم علا صوت سلاف الرقيق
مساء الخير !
إلتفتا كلا من مراد و أدهم معا و نظرا إليها ...
أهلا أهلا. مساء الورد. ياااااه انتي بقى سلاف
بجواره كان أدهم يحدجه بنظرات مستنكرة حانقة فهو لم يكن يحترم كينونتها و المغزى من حجابها الصارم و أخذ يتفرس فيها رغم ذلك
إزيك يا مراد. أيوة أنا سلاف.. بنت خالك إللي عمرك ما سألت عنها. بس أنا كنت بشوف صورك مع بابي الله يرحمه على فكرة.
أخجلته بملاحظتها فقال بصوت خاضع
أنا بعتذر لك طبعا. بس صدقيني الوضع ماكنش بإيدي و لا بإيدك. هما الاخوات دول إللي قرروا يبعدوا و يسيبوا كل حاجة. هما إللي فكوا الشمل. أنا لو كنت أعرف طريقك أكيد ماكنتش سيبتك !
تقصد إيه يا مراد بيه ماكنتش سيبتها إزاي يعني !
أدار مراد رأسه نحو ابن خالته و قال مبتسما
الله مالك يا أدهم.. أنا بتكلم عادي. ماتقولش إنك ممكن تغير عليها مني.
أدهم بخشونة و ماغيرش ليه سيادتك مش راجل
حاول أن يبرر بأريحية
مش قصدي أنا كنت بتكلم من المنطلق إنها بنت خالي و تخصني. و فعلا لو كنت أعرف طريقها ماكنتش سيبتها يعني كنت هسأل عليها و أزورها باستمرار. بس. هو ده كل قصدي يا عم الشيخ.. أو يا دكتور. إللي تحبه يعني !
مبدئيا كده سلاف دلوقت ماتخصش حد غيري يا مراد بيه. و بعدين لو كان أي حد فينا يعرف انها موجودة أساسا ماكنش حد سابها لوحدها. بدليل أول ما خالي اتوفى لاقت البيت ده مفتوح لها.. و دي كانت أجمل هدية و أحلى حاجة حصلت في حياتنا و حياتي أنا بالتحديد. سلاف !
نظرت سلاف إلى زوجها بأعين دامعة من شدة العاطفة التي أثارتها كلماته الأخيرة
أمالت رأسها ليلامس ذراعه بينما قال مراد مبتسما بحبور
ربنا يحفظكوا لبعض.. و يديم الحب ده بينكوا.
فارقا الزوجين ضيفهما أخيرا
و فضلا أن يرتقيا الدرج بدلا من إتخاذ المصعد صعدا معا متشابكي الأيدي و قد تشبثت سلاف بيدها الأخرى بمعصم زوجها كانت كأنما تحتضنه ...
سلاف. أنا مش هاطير منك !
أفاقت على صوته من ثمالتها العاطفية ظلت كما هي تتمسك به و هي ترد بخفوت
عمري ما سمعتك بتتكلم عني كده قصاد حد. علطول بسمع منك أحلى كلام بيني و بينك و بس لما بنكون لوحدنا.. فاجئتني يا أدهم !!
يسلام.. مبسوطة يعني من كلامي و لا من كلام سي مراد !
كان في صوته نزعة الغيرة الضارية تبعث على الضحك لكنها تحدثت بجدية
أنا مقدرة انك بتغير عليا و بتحبني. بس الحق مراد ماقالش حاجة. بالعكس كان لطيف.
أدهم بنزق لطيف !!
طيب اسكتي بقى و قصري الحوار ده عشان مانامش متنكدين الليلة دي يا سلاف.
كان جسمه يتشنج و قد نجح في زعزعة استقرارها العاطفي فزفرت بضيق و هي تبتعد عنه مغمغمة
مافيش فايدة فيك. غيرتك كل مادا ما بتزيد. انت ماكنتش كده أول ما عرفتك و قربنا لبعض ...
و أضافت مذكرة إياه بامتعاض
الحكاية دي بدأت معاك من ساعة المشكلة إللي حصلت بيني و بين سيف الله يرحمه !
انتفض أدهم صائحا و قد وصلا أمام شقتهما الآن
و كمان بتترحمي على الو ده !!
سلاف بذهول أدهم انت بتقول إيه سيف ماټ.. ماتجوزش عليه غير الرحمة مش أنا إللي هاقولك كده !!
تجاهل حقيقة ما تقول و قبض على ذراعها غارزا أصابعه في لحمها بقسۏة
انتي ناسية كان عايز يعمل فيكي إيه أنا كنت هاموته !!!
تأوهت سلاف پألم شديد
آه آه. أدهم انت اټجننت.. سيب دراعي يا أدهم بتوجعني !!!!
لم تخمد النيران في عينيه لكنه تركها مذعنا لارادتها فابتعدت عنه فورا و سددت له نظرة متخاذلة من أسفل النقاب و هي تدلك موضع قبضته و بدون أن تنطق سحبت سلسلة المفاتيح من جيبه و توجهت نحو الباب
فتحته بعصبية و ولجت غير عابئة له ...
جافاها النوم و خاصم جفونها الليلة كانت تتقلب فوق فراشها كالمحمومة لا تهدأ الحړب اندلعت بداخلها و ما من نهاية لها... لن تنهتي قبل أن تراه
قبل أن تواجهه
فقد ساقه القدر إليها أخيرا ما الذي تنتظره الآن مم تخاف
ماذا سيحدث أكثر من الذي حدث لها منذ تركها و أدار لها ظهره !
هبت إيمان من فراشها فجأة تلهث و تنهج و هي تتحسس جبينها و عنقها الملتهب هرعت إلى النافذة و فتحتها على مصراعيه تشهق الهواء ملء رئتيها غمرها ضوء الليل ببدره المنير و كان الصمت يخيم على الأجواءصمت يدعم الۏحش الذي أخذ ينهشها من الداخل و إلى الخارج
لا يمكن أن تدعه يقهرها هذه المرة ستكون بمۏتها إن تركته يفعل... حسمت أمرها
و ليكن ما يكون
خرجت من غرفتها في هدوة الليل اجتازت أروقة شقة أمها و استلت المفتاح في يدها خرجت إلى الدرج و صعدته بخطى صامتة حتى وصل إلى الطابق المنشود وقفت أمام الشقة تتهيأ للحدث الجلل
أخذت نفسا عميقا مغمضة عينيها.. ثم طرقت الجرس مرة واحدة و بقيت في الانتظار ...
لحظات و إنفتح الباب و رأته كما توقعت جمدا الاثنان مقابل بعضهما كتمثالين.. لم ينبسا ببنت شفة لمدة دقيقة كاملة
ليخرج صوت إيمان فجأة مشحونا بكل لآلام و معاناة السنوات الماضية كلها.. كانت الدموع في عينيها و نظرات الاتهام تتحدث أيضا
إيه إللي جابك.. رجعت تاني ليه يا مراد !
يتبع ... ...
6
هنا يمكنك أن ترى أن إيمان كانت تحب مراد دائما !
ماذا توقع بعد الذي فعله معها على الدرج !
لقد كان غليظا معها و لأول مرة يقسو عليها هكذا بيده يعترف بأنه قد آذاها عندما أمسكها بقوة قاصدا إيلامها إنه نادم أشد الندم و يجب أن يعوض عليها هذا و يعتذر منها
إنها حبيبته
زوجته
أم أولاده
إنها سلاف ...
مش هاتتعشي معايا .. قالها أدهم متسائلا حين شاهد زوجته تضع صحن واحد أمامه على مائدة العشاء
بدون أن تنظر إليه جاوبته بجفاء
لأ. مش جعانة.. لما تخلص نادي عليا عشان أشيل الأطباق
و جاءت لتمضي متجهة إلى غرفة النوم فقام عن مقعده معترضا طريقها فتوقفت مجبرة بينما يقول بصوته الهادئ ملطفا الأجواء بينهما
أنا مابعرفش أحط لقمة في بؤي منغيرك و انتي عارفة. حتى الغدا تحت معاهم اتظاهرت إني باكل. أقعدي يا سلاف و كلي معايا. من فضلك !
سلاف بنفس الجفاء
لو قعدت مش هاكل. هاقعد عشان انت عايزني أقعد بس
أجفل متنهدا بثقل و قال
يعني بجد مش جعانة
هزت رأسها نفيا فهز كتفيه مدمدما
طيب. خلاص شيلي بقى العشا. أنا كمان مش جعان. بس ممكن تحضري حاجة خفيفة أبقى أنزلها لمراد يتعشى بيها !
توقع أن تتراجع عن موقفها لتجعله يجلس و ينهي عشاؤه كما اعتادت أن تفعل دوما و هذا ما كانت تقف لبرهة مترددة بشأنه لكنها على عكس توقعاته أخذت تجمع الصحون و تتجه بهم إلى المطبخ ثانية ...
توتر أدهم الآن و قد شعر بفداحة ما فعله لها أراد أن يصلح ما بينهما بل أن عليه أن يصلحه الليلة و قبل أن يبزغ نهار جديد و إلا سيصعب نسيانه
ذهب أدهم إلى غرفة نومهما و انتظرها هناك لكنها تأخرت و خيل إليه بأنها لن تأتي فقام و بحث عنها في الشقة حتى وجدها في غرفة الأطفال تهم بالأستلقاء إلى جوار ابنها الأوسط في سريره المتسع لفرد آخر إذ أن الصغير لا يحبذ النوم بجوار أحد و لا حتى إخوته فقط أمه التي يعطيها هذا الامتياز ...
سلاف ! ..هتف أدهم مدهوشا
إلتفتت نحوه في لحظة فانزلق روبها الحريري عن كتفها بنعومة رشقته بنظرة زاجرة و مشت ناحيته قائلة بصوت مائل للهمس
وطي صوتك. الولاد يصحوا !!
تجاهل ما قالته و أمسك بيدها شدها إلى الخارج و أغلق الباب على الصغار أسندها إلى الجدار و استجوبها بجدية
لما خاېفة الولاد يصحوا. إيه دخلك عليهم.. ماحصلتنيش على أوضتنا ليه
لا تزال متحاشية النظر إليه و قالت
أنا هنام الليلة دي جمب نور
أدهم باستنكار تنامي جمب نور و بالنسبة لي أنا. شفاف قصادك !!
نور محتاج لي أكتر انت عارف إنه اليومين دول حساسية جسمه مضايقاه
يسلام طيب ما أنا كمان محتاج لك بردو. ماينفعش تقسمي وقتك بيني و بين الولاد. الولاد إللي سايبك ليهم طول النهار !!!
سلاف بعناد انت عارف الولاد دايما في أولوياتي
تضرج وجهه بحمرة الغيظ في هذه اللحظة و أمسك غضبه بجهد ثم قال بحدة
طيب أنا عايزك يا سلاف. و حالا !
بدون أن تنبس بكلمة أطرقت برأسها و مشت أمامه وصولا إلى غرفة النوم خلعت الروب القصير و بقيت الآن بالقميص الرقيق اسلتقت أمامه فوق الفراش و ظلت ترنو إليه فقط
رفع أدهم حاجبه معقبا على أفعالها
إيه ده !
ردت ببديهية قلت عاوزني . أهو.. أنا قدامك
ببساطة كده !
أمال فاكرني هاتمنع