الأحد 24 نوفمبر 2024

اخطائي الجزء الثاني

انت في الصفحة 18 من 60 صفحات

موقع أيام نيوز


كافة الاحتياطات الطبية لها و طمأنهم أنها سوف تستيقظ من تلقاء ذاتها عندما تواتيها الشجاعة اللازمة كي تواجه الأمر.
فكانت ميرال لا تفارقها بعدما احضرهم محمد لتلك الشقة التي تقبع بنفس البناية التي يقطن بها... وقد حمدت ربها كون ابيها خارج البلد ولم يتعب نفسه حتى بالسؤال عنها أما دعاء فقد تحججت لها كونها ستسافر لبضع أيام مع رفاقها كي تتخلص من ضغط الاختبارات التي كان تعاني منها في الآونة الأخيرة وأوصت مربيتها أن تتستر عليها أثناء غيابها وتخبرها بكل جديد...

لسه مصحتش...
سؤال صدر من شهد التي كانت تحمل بيدها صنية عامرة بالطعام وتضعها على الطاولة التي تتوسط تلك الردهة الواسعة
بعد أن استقبلتها ميرال ولحقت بها بملامح كئيبة وصوت تملك منه اليأس قائلة
لأ يا شهد انا بجد خاېفة عليها وبفكر ننقلها للمستشفى واللي يحصل... يحصل
مستشفى ايه بس دي هتبقى زي الفل والدكتور بنفسه طمنا عليها...وبعدين بلاش شوشرة البنية مش ناقصة كفاية اللي حصلها
أومأت ميرال بينما استرسلت شهد بحسرة
قوليلي هو جوزها مسألش عليها
نفت ميرال بحزن
لأ من يوم اللي حصل ومسألش حمود راحله علشان يرجعله العربية بس ملقهوش في البيت لا هو ولا مامته ولغاية دلوقتي مفيش أي اخبار عنه
لا حول ولا قوة إلا بالله...والله البت دي قطعت قلبي دي طول الليل تخرف بأسمه ولو صحت وملقتهوش هتعمل ايه
ادعيلها يا شهد تقوم بالسلامة وتتخطى الأزمة دي على خير
والله بدعيلها وبدعيلك أنت كمان ربنا يريحك بالك
ابتسمت ميرال وقالت بإمتنان
ربنا ما يحرمني منك يا شهد
أنا حاسة أن ربنا بيحبني أوي علشان رزقني بأخت زيك ورجعلي صاحبة عمري...
ربتت شهد على ظهرها بحنان واضافت بمكر تشاكسها
اه يا اختي ونسيتي حمود ولا ايه
اعتلى جانب فمها بسمة باهتة وقالت بيأس
حمود...ظلمني يا شهد ومرضاش حتى يسمعني وحتى بعد ما نادين حكتله إني مظلومة متكلمش معايا ولا هان عليه يريح قلبي بكلمة
زفرت شهد ولعنت عقلية شقيقها المتحجرة في سرها ثم قالت راجية
حقك عليا أنا... ومعلش هو اه دماغه ناشفة بس والله بيحبك وبكرة لما تعاشريه هتعرفي أن حنية الدنيا فيه بس هو اللي عقله مش مريحه ولا مريح اللي حواليه
تنهدت هي بإحباط واخبرتها بنبرة تملك منها اليأس بفضل تبلده معها
بيحبني بأمارة ايه...ده لغاية دلوقتي عقدة لسانه متفكتش وبصراحة حاسة إني بفرض نفسي عليه
شهقت شهد مستنكرة وقالت تطمئنها
بطلي الكلام البايخ ده والله بيحبك... وبعدين متنسيش الظروف اللي حصلت هو يمكن مستني وقت مناسب 
أومأت لها ميرال وقالت بحيرة
يمكن...أنا كمان ورطته معايا بعد اللي حصل لنادين وجابني هنا
اخويا راجل وعنده نخوة ومستحيل كان هيشوف ولايه زيكم عايزين مساعدة وميساعدتش
أيدتها ميرال بحركة من رأسها ولكن كان سؤال أخير يؤرقها وتريد أن تحصل على إجابته لذلك همهمت بترقب
شهد هي دي شقة مين
أجابتها شهد ببسمة ماكرة ذات مغزى وهي تغادر من باب الشقة وتغلقه خلفها
شقة حمود....
شهقت ميرال بخفوت وتوترت بشدة وهي تتمعن بكل ارجاء الشقة وكأنها لم تكن تمكث بها أيام وتراها الآن لأول مرة فكانت شقة واسعة مجهزة

بشكل مرتب للغاية غير متكلف مفعم بذوق مميز اعجبها ابتداءا من لون الحوائط الهادئة التي تبعث الراحة للعين إلى فرشها البسيط للغاية واثاثها العصري الغير مبهرج.
حانت منها بسمة باهتة ساخرة من ذاتها قبل أي شيء أخر فماذا كانت تنتظر منه فهي بالنسبة له كالكتاب المفتوح الآن ولكن هو يحتفظ بكل شيء يخصه لذاته ويبخل أن يريح قلبها حتى بكلمة واحدة. 
لانوم ولا طعام ولا حتى راحة فذلك المنزل الذي كان يضج بالصخب الاسري وينعم بالدفء. الآن أصبح جدرانه قاسېة يلفحها الصقيع الذي يرجف الروح من وحشته وبرودته...وحتى نظافته السابقة ونظامه الذي كان لا يمدحه من قبل ولم يشغل باله حتى في أن يثني على مجهوداتها... الآن حقا عرف الفرق 
فكان يجلس على تلك الأريكة التي لطالما جاورته بها ويرمى رأسه على حجرها عندما يشعر بالضيق أو يشغله أمر ويصعب عليه حله فكانت هي تستقبله بربيع بسمتها المفعمة بالسلام و تتكفل بتمسيد جبهته وتمرر اناملها الحانية بين خصلاته إلى أن يهدأ ويستكين ضجيج رأسه ويشعر بعدها أنها منحته سلام العالم أجمع بين يديها ولكن الآن أين هي...فقد خسرها بفضل غبائه وسخطه الدائم فياليته أخضع كبريائه اللعېن وتنازل عن سخطه وتغاضى عن تحريض تلك ال منار له وعبر عن ندمه واشتياقه لها بطريقة أخرى تليق بفداحة أفعاله فلو كان اعترف بصدق حينها بتوابع خطيئته كان ربما يتشفعله عندها و لا يداهمه ذلك الشعور الممېت الذي يفتك به الآن.
هز رأسه يحاول أن ينفض ذلك الشعور عنه ثم جال ببنيتاه القاتمة محيط المكان بضيق شديد فهنا أطباق وبقايا طعام لم تنضب منذ عدة أيام وهنا ملابس متناثرة...وحتى الغبار يكسو الأرفف والأثاث وحتى المقتنيات بشكل يثير الاشمئزاز...أما في المطبخ الذي كان يضوي ضي بعهدها فهو الآن فوضوي للغاية يضج بالكثير من الأواني والأطباق المتسخة وتفوح منه رائحة منفرة تجعله يود أن يتقيأ من بشاعتها....
زفر حانقا وهو يلعن ذاته ربما للمرة الألف بعد المائة على غبائه و انسياقه خلف رغباته اللعېنة دون أن يحكم عقله فلولآ ظهور تلك المنار بحياته و إغوائها له بشتى الطرق ما كان وصل به الحال لهنا 
نعم الأن يحملها هي أعباء كل شيء ويتقمص دور الضحېة التي لطالما برع في تقمصه وكأنه أدرك كونه كان مغيب بفضلها ولكن بكل أسف أدرك تلك الحقيقة بعد فوات الآوان فقد خسر كل شيء...والسؤال هنا هل تستحق هل أحبها لتلك الدرجة التي تجعله يخسر زوجته ويشتت ابنائه ويفقد عمله وامواله من اجلها حقا لا يملك اجابة لسؤاله كل ما يملكه هو الضياع والتشتت والندم بعد تطليقها فهو في أبعد كوابيسه المفزعة لم يتخيل كونه يتهور و ينطق بتلك الكلمة التي تفك حصارها.
مرر يده بخصلاته الفحمية بإرهاق تام وهو يحاول نفض تلك الأفكار التي تقتله بالبطيء ثم قرر أن يأخذ حمام دافئ كي يساعده على النوم وبالفعل نزع قميصه البيتي وتوجه لخزانته كي يخرج منها منشفة ولكن لم يجد ولا واحدة فيبدو أن جميعهم متسخين ولم تقم بغسل أي منهم ليلعنها بسره ويفتح خزانتها لعله يجد واحدة ولكن وهو يعبث بين الأرفف وجد شريط من الحبوب يعلمها تمام المعرفة وكيف لا وهو من كان يجلبها بنفسه ل رهف ويصر عليها أن تواظب عليها بلا انقطاع ويفرض عليها عدم رغبته بالإنجاب مرة أخرى ولكن الآن قد انعكس الأمر وكأن الزمن يسخر منه ويرد له الصاع صاعين فقد اعتصره بين يده بأنفاس غاضبة وعيون زادت قتامتها وهو يتوعد لها بأشد الوعيد حين عودتها.
بينما هي كانت بعيدة كل البعد عن ما يشغله بل كانت تحيك لأمر آخر كي تعوض خسارتها وإهدارها للوقت مع ذلك الساخط اللعېن الذي اختزل احلامها و وئد رغد عيشها 
فقد مالت بجسدها على صيدها الجديد ثم همست بنبرة تقطر بالخبث أمام وجهه
قولت ايه يا حوسو
اعتلى جانب فم حسام وقال ببسمة متخابثة لا تقل شيء عن خبثها
لأ...
ضړبت الأرض بكعب حذائها وحاولت اقناعه من جديد
ليه ما كل حاجة في ايدك وتقدر تعمل كده بسهولة
أجابها بمكر وهو يوليها ظهره بكل برود
أنا مقولتش مقدرش... وللأسف طلعت غبية ولسه مفهمتنيش
طب فهمني عايز ايه واكيد هنتفق...
أجابها وهو يلتفت برأسه و يتفرس بكل إنش بها بطريقة وقحة اعجبتها وجعلتها تغتر بذاتها وبما تملكه من تأثير طاغي على معشرهم
عندي استعداد انفذ الاتفاق بس بشرط
تأهبت بنظراتها بينما هو قال وعينه يغزوها نظرة غامضة تجمع بين الرغبة وشيء أخر لم تتعرف عليه
عايزك تبقي ليا يا منار 
طرقات على باب الشقة جعلتها تهرول تفتح الباب دون تمهل وهي تعتقد أنها شهد ولكن خابت ظنونها عندما وجدته يقف أمامها بتلك الهالة الجدية للغاية لتتلعثم قائلة
حمود...
تلجم لسانه وهو يجول ببندقيتاه يطالع هيئتها المذهلة و يبتلع ريقه بصعوبة بالغة 
فكانت ترتدي منامة وردية اللون قصيرة للغاية ذات فتحة من الأمام دائرية

تظهر نحرها ببذخ مصحوبة بروب نفس لونها ولكن يمتد طوله إلى بعد ركبتيها تاركته مفتوح ومتهدل على ذراعيها يظهر حملات منامتها وانعكاسها على بشرتها جعل دمائه تدفق برأسه ويهدر بحمئه بعدما أشاح بنظره و استغفر بسره
أنت ازاي تفتحي الباب بالمنظر ده
طالعت هيئتها مستغربة وهدرت بعفوية
ماله منظري يا حمود انا...
قاطعها بعصبية شديدة نابعة من غيرته
أنت ايه اقفلي الزفت الروب واخر مرة تفتحي الباب بالمنظر ده
لملمت مأزرها بخجل واستغربت حمئته الغير مبررة والتي لم تتفهم المغزى منها لذلك لم تجادل رغم حنقها منه فصديقتها برئتها وهي حاولت مرارا وتكرارا أن تفهمه وتجعله يستمع لها ولكن إلى الآن رأسه يابس كالحجر الصوان وحقا في كل مرة هي من تبادر وتصرح بتمسكها به ولكن هو ولا مرة فعل
خدي الأكل... 
انتشلها قوله وهو يزفر حانقا ويدفع صينية الطعام جهتها كي تلتقطها لتتناولها من يده وتسير بضع خطوات وتضعها على الطاولة وإن تقدمت جهة الباب مرة أخرى وجدته مازال يقف لتشدد على مأزرها وتطالعه بنظرات حائرة حين تسأل
صاحبتك عاملة ايه دلوقتي
اجابته بإقتضاب
لسه مفقتش أنا اتصلت بدكتور تاني هيجي يشوفها
يجي فين ومين اللي هيستقبله إن شاء الله أنت ...
ايوة وفيها ايه
ويا ترى بقى بالروب!
قالها بغيظ وهو يكور يده بقوة ويشعر بنيران الغيرة تأكل قلبه 
ولكنها لم تتفهم ذلك واجابته بتلقائية
الدكتور ده بتاع العيلة ومن سن بابي وبعدين كنت هقول ل شهد تطلع وقت ما يجي...
هز رأسه ولم يعجبه الأمر بالمرة فهو كان يرافق الطبيب الذي يجمعه معرفة مسبقة به بنفسه ويتحجج كي يظل ولكن أن تأتي هي بطبيب وتستقبله بذاتها لا هذا غير محتمل بالنسبة له لذلك هدر بكامل صوته الأجش دون حتى أن يجليه قليلا فصدر قويا افزعها
تبلغيني أنا قبل ما يجي لازم يكون في راجل معاكم
تعلقت فيروزتاها به لثوان تشعر بالحيرة من حديثه وقبل حتى أن تجد جواب مناسب له 
كان يفوت للداخل ويديرها بتلقائية ويغلق باب الشقة بسرعة متناهية... شهقت هي وسندت ظهرها على الباب المغلق وهي تدعم ذاتها بحركة عفوية تتمسك بأحد ذراعيه وهو يقف بمواجهتها ليبرر هو بصوت خفيض للغاية وهو ينظر من العين السحرية للباب
ششششش في حد نازل من على السلم وعيب يشوفوني واقف على الباب مش عايز حد يتكلم كلام ملوش لازمة
تنهدت بيأس وحاولت أن لا تتأثر بقربه منها ولكن قلبها دفعها دفع حتى تميل على ذراعه وتسند وجنتها عليه دون حديث ولكن بداخلها كان ېصرخ اشتقت لك معذبي ارحم قلب اضناه الوحدة وسئم الفراق ..اتوسلك بكل عزيز أن ترأف بي وتزحزح قناعاتك الراسخة التي تعيق
 

17  18  19 

انت في الصفحة 18 من 60 صفحات